الخميس، 6 نوفمبر 2008

*ملحوظة: نعتذر عن النشر أمس وذلك لانقطاع الكهرباء
الجلسة في انعقاد دائم !!

لم تشهد الديرة صخباً شعبياً مثلما شهدته ذلك الصباح في أحد أيام أكتوبر 2008 ، ذهبت فيه مدخرات الناس أدراج الرياح ، وأصاب البنوك ذعر حقيقي للأوضاع المالية المترديه ، وخوف حقيقى من سحب المودعين لمدخراتهم ، ضغوط ثم ضغوط حداً بالسيدة رأسمالية الدولة في التوجه إلى النائب العام متهمه السيدة عولمة وبناتها الثلاث (بورصة ، تسهيلات ، والصغري خصخصة ) بوقوفهم سبباً لما يحيط الديرة من " بلاوي زرقة " ، وأرفقت عريضة تفند ما أقدمت عليه عولمه وبناتها في التسبب بهذا التدهور الخطير المحيط بإقتصاد الديرة ، الأمر الذي دعي النائب العام لمخاطبة عولمة بإستدعائها لأخذ أقوالها في التهم الموجهه لها وبناتها الثلاث .
خرجت عولمة في اليوم التالى لمكتب النائب العام وبناتها الثلاث ينتظرون قدومها على أحر من الجمر ، تنتابهم مشاعر مختلطة من الذنب ، والخوف من القادم من الأيام ، وقبل كل شئ غضب أمهم التى إستأمنتهم على الأوضاع الاقتصادية فعاثوا في الديرة فساداً وأهم ما يؤرقهم جميعاً شماتة " الوليه " رأسمالية الدولة ( والتى يدلعوها بالقطاع العام ) وهى تستعيد موقعها من جديد ، وجماهير الديرة ترفع رايات إنتصاراتها على العولمة وبناتها .
المهم دخلت عولمة على بناتها مكفهرة الوجه ، عابسة تضرب أسداس في أخماس فالتهم التى وجهها النائب العام لها وبناتها ثابته ، وصاحت البنات بصوت واحد " خير يا ماما " وردت عولمة الخير سيأتي منين ، ردت عولمة عليهم وبدأت بوصله من الردح الحيانى متهمتهم بخذلانها وكسفتونا ربنا يكسفكم ، وبعد الوصلة والهدوء النسبي لعولمة قالت تحددت جلسة المحاكمة لنا جميعاً ولكن بعد أسبوعين ، ولابد أن نحضر مواقف دفاعية لما حدث فالأمر قد خرج من أيدينا وأكيد عين رأسمالية الدولة أصابتنا ، فهى طول عمرها حاقده علينا ولم يكن لنا في إضطراب اقتصاد الدولة لا ناقة ولا جمل قالت وختمت عمولمه كلامها ، وكل واحده على أوضتها لتحضير مرافعتها ، وتتولى الدفاع عن نفسها .

يوم نظر القضية إحتشدت جماهير غفيرة في القاعة وعلى رأسهم المدعية رأسمالية الدولة والمدعى العام ، والمدعى عليها وبناتها بورصة ، وتسهيلات ، وخصخصة .
وبدأ المدعى العام في قراءة التهم فقال إن أم البنات أخذت بالترويج لمفاهيم جديدة مفادها إسقاط الحدود بين الدول ، وحرية حركة رؤوس الأموال بينها ، وتجميد أية إجراءات أو قوانين تحد من حركتها ، فالعالم عند عولمة هانم تحول إلى قرية كونية ، وتم ربط الأسواق بشبكة معقدة من التكنولوجيا الحديثة مما أدى إلى ظهور ما يعرف بآثار الدومينو فإذا حدث أزمة في أحد الأسواق تداعت له بقية الاسواق بالسهر والحمى نتيجة لمفاهيم العولمة التى شنفت بها آذاننا لسنوات طويلة ، وها هي الأزمة العالمية واصلت حركتها لتضرب سوق الديرة لا لشئ الا لأن عولمة رسخت مفاهيمها وقوانينها وحاربت بعنف مواقف رأسمالية الدولة والتى هي على النقيض تماماً ، فهى تؤمن بالحمائية ، ووضع عوازل لحماية الاقتصاد من شرور العالم الغربي ، والنأى بالاقتصاد من عاديات الزمن بتدخلها لتكون لها الكلمة الأولى والأخيرة في رفاهية مواطن أهل الديرة .
ألتفت القاضى تجاه السيدة عولمة وسألها ما قولك في التهم التى وجهت إليك ؟!
عولمة كانت مستعده في دفاعها وبدأت مرافعتها بعد أن " خزت " رأسمالية الدولة بنظرة ملئها الحقد والغضب ، ولكن رأسمالية الدولة طنشت نظراتها ، وإبتسمت بمكر وشماته .
قالت عولمة أن مبادئها كانت ضرورية لتتمكن دول مثل الصين والنمور الأسيوية من إستغلال مواردهم البشرية مع رؤوس الأموال الأجنبية في وضع قاعدة صناعية ، وتكنولوجية تكون أساساً لصادراتها، وتكون مدخلاً لانتقالها من أوضاع إقتصادية بائسة إلى ما وصلت إليه اليوم ، وإنتقال رؤوس الأموال يتطلب تجميد كل ما من شأنه أن يحول دون تحركها من قوانين ، وإجراءات وبيروقراطية سيئة معطلة ، صحيح أن طريق العولمة ليس مفروشاً بالورود ولكن الهدف من عولمتى أن يعم الرخاء في أرجاء الأرض ، وأن لا تستأثر البلاد المتقدمة بنتاج التقدم الاقتصادى ، بل هي دعوه لمشاركة بقية الدول هذا التقدم فأين العيب في ذلك ؟ وعلى فكرة أفكار العولمة جرت معها مفاهيم سياسية وإجتماعية جديده لتلك الشعوب كحرية الفرد ، وحقوق الانسان وحقه في إقامة ديمقراطية حقيقية لا تشوبها أية شائبة ، صحيح لم نحقق نجاحاً يذكر ولم نتمكن من عولمتها ، ولكنا خطونا الخطوة الأولى تجاه حق الشعوب في تقرير مصيرها منطلقة من مفاهيم العولمة .
وأكتفي بذلك يا حضرة القاضى .
ألتفت القاضى تجاه النائب العام فقام الآخير ليوجه سهام إتهامه للأخت الكبري بورصة فقال :
لقد كانت بورصة سبباً لخراب بيوت كثيره ، فبعد ما باع مواطنى الديره بيوتهم ورهنوها طمعاً بالمكاسب الكبيرة المحققة في البورصة ، فإذا بتلك المكاسب تتبخر في يوم وضحاها ، وتراجع أسعار الأسهم المستمر دون ضوابط ، ودون تدخل من ولى الأمر أدى إلى خراب بيوت الناس ، البعض من هؤلاء تحمل ديوناً كبيرة وليستثمرها في البورصة فماذا كانت النتيجة ؟ خسائر كبيرة تضرب " مخابى " المواطنين ، ولأن المال عديل الروح فيمكن القول أن هؤلاء أصبحوا بلا روح وهم أحياء ولكن مقومات حياتهم ذهبت ولم تعد ؟ !
ألتفت القاضى تجاه بورصة قائلاً دفاعك من فضلك ؟
إتجهت بورصة لمنصة الدفاع وتعالت أصوات الناس تطالب بإنزال أقصى العقوبات بها ، وهى تنظر إليهم نظرات وتعنى أن ينتظروا مرافعتها قبل إدانتها .
قالت بورصة ما ذنبي إذا كان المتعاملين يدخلون البورصة وفي ذهنهم المكاسب ، ثم المكاسب ، وأخيراً المكاسب ، فهم مقامرون إستبدلوا طاولة الكازينو بأوراق من الأسهم يضاربون بها ، والبورصة سيدى القاضى هو المكان الذى يكافئ فيه الناجح في صناعته ، أو تجارته ، أو خدماته فمتى ما أقام صرحاً من صروح التجارة أو الصناعة أو الخدمة كان له أن يبيع جزء من أسهمه فيها ، ليراكم ثروة كافية لاقامة نشاط أخر أو صناعة أخري ، والشركات عموماً تستخدم هذا السوق لاصدار سندات يتم تداولها مضمونة العائد لكى تقوم بتمويل إحتياجاتها وتوسيع إستثماراتها ، أما أبناء ديرتكم فلقد إستمرأوا اللون الأخضر الذي يذكرهم بالنماء والزراعة ، والخير الوفير فعشقوه ، على عكس اللون الأحمر الذي يعنى أن سعر السهم في النازل ، فهذا اللون يكرهونه لأنه يذكرهم بالدول اللى " ماتتسماش " والتى كان يطلق عليها بالشيوعية ، وإذا تراجعت أسعار الأسهم واستمر ظهور اللون الأحمر أصابتهم أرتكاريا بورصوية ، وهو مرض بعيد عن حضرات القضاه يتهيج معه المتعاملون ويلقون بأسهمهم لاطفاء هذا اللون الأحمر البغيض ، فتتراجع المزيد من أسعار الأسهم ويكتم اللون الأحمر على قلوبهم ونفوسهم يصرخون بعدها بتدخل أموال الدولة بعد أن نفذت أموالهم . ولا تعود لهم الطمأنينة إلا بظهور اللون الأخضر ، هذا من ناحية ومن ناحية أخري فهذا السوق ينضح " بالجمبازية " وهم فئة ثرية تعرف متى ترفع قيمة السهم ومتى " تبزخ فيه " مهمتهم الأساسية إغراق العليمية بالشراء فتتصاعد قيمة السهم ثم فجأة يبدأ طرف من أطراف المتلاعبين بالسوق بالبيع فيتبعه القطيع فسميت سياسة القطيع والمحصلة أن الجمبازية يشترون أسهم أسعارها متدنية ، ثم يبيعونها بأسعار متصاعدة وهكذا حتى تحولت البورصة إلى عسكر وحرامية ، فهل البورصة لها ذنب فيما يفعله سفهاءكم ؟!
فمبادئ البورصة معروفة وتقوم على أسس أخلاقية فإذا نبذها هؤلاء السفاء فهذا ليس ذنب البورصة ولكن ذنب هؤلاء الذين حولوها إلى صالة قمار ، وتقدير الموقف أتركه لسيادتكم .
أشار القاضى للنائب العام بالتحدث حول الأتهام الموجه لتسهيلات فقال :
تعارف العالم لدور البنوك بتقديم تسهيلات ائتمانية لمختلف الأنشطة الأقتصادية ، وإدارة عجلة الاقتصاد منذ عقود طويلة فلا غنى عن دور المصارف بتقديم هذه التسهيلات ، ولكن ما حدث وبشكل خطير قيام البنوك والاستثمارية منها بشكل خاص بإستحداث أدوات استثمارية وتمويلية عرفت بالمشتقات وتمويل الهامش، والمضاربة في عمليات بيع وشراء العملات والسلع مما أدى إلى خسائر كبيرة ، وآخرها ما حدث بالنسبة لتمويل الرهونات العقارية وهى بإختصار المتاجرة في الديون للرهن العقاري كانت نتائجها وخيمة على كل الأصعده مما أدى إلى إفلاس البنوك واستنجادها بالحكومات بتوفير السيولة بعد أن نفذت سيولتها ، وتعريض ودائع البنوك لخطر العجز عن سدادها ، مما أدى إلى تدخل الصناديق السيادية وضمانها للودائع لخلق الطمأنينة اللازمة في قلوب المودعين ، فضلا عن ضخ مليارات من الدولارات في دواليب البنوك لتمكينها من الوقوف ثانية وهذا يعنى بصريح العبارة انتقال ملكية البنوك إلى القطاع العام وهو الأمر الذى تدعو إليه السيدة رأسمالية الدولة .
ألتفت القاضى لتسهيلات وطلب دفاعها فقالت :
سيدى القاضى لا أريد الأستفاضة في دور البنوك في تحريك العجلة الاقتصادية ولكنى سأقصر دفاعى على مضمون إسمى وهو التسهيلات التى تقدمها البنوك لعملاءها ، تسهيلات البنوك ومن التسمية يتضح دورها في تمكين التاجر وصاحب المصنع في تغطية مصاريفه القصيرة الأجل سواء من أجور ومرتبات ، أو المواد الخام والسلع إلى أن يتمكن التاجر من بيع بضاعته ، والصانع من تسويق منتجاته المصنعة في مصنعه ، ولكن هذه التسهيلات من السحب على المكشوف وعلى شكل قروض تعامل معها عملاءنا بشكل غريب ، نعم تم استخدام جزء منها فيما خصصت لها ، وظل الباقى في الحساب ولكنهم ولأن عملاءنا والذين هم من أهل الديره يؤمنون بالتشغيل الكامل لمواردهم المالية ويحزنهم بقاء تلك الموارد في حساباتهم عاطله إتجهو إلى البورصة وشغلوا مواردهم في تعزيز اللون الأخضر الذى يعشقونه ودخلوا بيها في لعبة الأسهم صحيح أنهم حققوا مكاسب كبيرة ، ولكن الكثير منهم وبتراجع أسعار الأسهم ، واستقرت البورصة على اللون الأحمر أدى إالى تبخر هذه المكاسب وورطونا معهم عندما إنكشفت حساباتهم وعجزهم عن تصحيح وضعها المكشوف على الأخر والله أمر بالستر ولكنهم عاجزون عن ستر أنفسهم وأقصد ستر حساباتهم لدينا .
إذن العلة ليست في توفير التسهيلات ولكن في استخداماتها من قبل أهل الديرة ، فالعيب فيكم وفي حبايبكم أما التسهيلات فياعينى عليها ، وكتر خيرها .
جلست الآن تسهيلات ونظرت بطرف خفي للنائب العام الذي أخذ يقلب في أوراقه. متجاهلا لأقوال تسهيلات بعد أن رمت الأخيرة بالكرة في ملعب عملاء البنوك الذين يتحملون مسؤولية إنحرافاتهم ونتائج مضارباتهم بأموال البنوك ، ووقف بعد أن أعطاه القاضى الكلمة ليقول المتهمة الرابعة وهى الآنسة خصخصة ، فلقد كانت أمل المجتمع بتحويل ملكية المنشآت العامة وبيعها للقطاع الخاص الذي كان الحلم بإدارتها بكفاءة ورفع الأنتاجية فيها وتقديم خدمات مميزة للمجتمع وكانت الحل البلسم ونهاية للبيروقراطية التى تعبث بمقدرات المنشآت العامة ، ولكن تحولت من نعمة إلى نقمة أرتفعت معها الأسعار ، وزادت أعداد البطالة ، وبدأت الأضرابات تتزايد من العمال في تلك المنشآت مطالبة بزيادة أجورهم فكانت وكسة كبيرة للمنشآت التى تحولت ملكيتها من العام إلى الخاص ، حيث كان الجشع والاحتكار هو عنوان هذه المرحلة مما أدى إلى نتائج وخيمة على مستوى النشاط الاقتصادى ، فكانت رأسمالية الدولة في السابق لم تعهد هذا الاستغلال والجشع صحيح لم تكن كل السلع متوفرة ولكنها على الأقل لم تشهد من قبل طوابير طويلة ، وقتال من أجل الخبز مثلاً ، وكانت القناعة هى السائدة بين أبناء هذا الوطن ولكن بعد الخصخصة تكونت طبقة مستغلة صغيرة وتحكمت في مقدرات البلد ، فكانت وبالاً على صناع القرار وأدخلنا في الحلقة المفرغة للفقر . حتى أصبح نسبة لا بأس بها من المواطنين تحت خط الفقر .
ألتفت القاضى للأنسة خصخصة وقال دفاعك بما وجه اليك من إتهامات .
قالت خصخصة سيدى القاضى إن التهم الموجهة لا تمس مبادئ الخصخصة التى بالفعل نقول إذا تم تحويل الإدارة من العام إلى الخاص في المؤسسة محل الخصخصة فإن الأنتاجية ستتزايد ، وكفاءة الأنتاج سترتفع وهذه التجارب عمل بها في دول العالم وحققت نتائج باهرة ، ولكن ما حصل عندكم أن مجموعة من مقتنصين الفرص سعوا لتحقيق ثرواتهم على حساب الأغلبية ، وبحماية من السلطة التى تدعمهم مما نشأ ما يعرف عندكم بزواج الثروة والسلطة فأصحاب الثروة سعوا لتحقيق المزيد من الثروة بمباركة أهل السلطة ، فدفع المواطنين تبعات هذا الزواج الغير شرعى ، فلقد ناديت من قبل أن ظروفنا لا تحتمل خصخصة المؤسسات العامة ولكن بقاء الملكية بيد الدولة بإدارة خاصة تعمل على رفع الكفاءة وإنتاجية العاملين ، وتعمل على إعادة تأهيل البطالة المقنعة أو المستترة في تلك المؤسسات والزج بهم مرة ثانية بعد إعادة تأهيلهم في أعمال أكثر إنتاجية ولكن لم يستمع لنصائحنا ، وأوكلت مهمة الإدارة إلى المستثمرين من أصحاب الثروة فكانت لهم كمصباح علاء الدين ، ولقطة إقتنصوها لزيادة نفوذهم المالى على حساب الغلابة من المواطنين ، إذن العيب ليس في مبادئ وآلية الخصخصة ولكن في كيفية تطبيقها فقد تنحرف عن هدفها بفعل فاعل وجد فرصته فاستغلها فكانت نتائجها وخيمة بالطبع وإننى إذ أطالب بإعادة النظر في كيفية تطبيق الخصخصة و أبرئ نفسى من تبعاتها التى لمسها السيد النائب العام .
ألتفت القاضى أخيراً للسيدة رأسمالية الدولة وقال الكلمة الأخيرة لكى لتوضحى موقفكى تجاه التهم ، والمتهمين . كانت السيدة على استعداد مسبق للوقوف لتصفية حسابها مع السيدة عولمة وبناتها ، تتحين الفرصة للانقضاض على ما روجته من أفكار تعتبرها سامة وها هي لحظة الحقيقة قد ظهرت ، فوقفت وقالت سيدى القاضى منذ عقود تلقيت هجوم من كافة اتجاهات العالم بأن أتنحى ، وأترك الحبل على غارب عولمة وبناتها ، فآلية السوق هي كلمة السر لتفتح الأبواب أمام خروج ودخول رؤوس الأموال فإضطربت معها الأسواق ، وفتحت آلية السوق للمضاربين المنفلتين في التعامل بأدوات مالية مثل المشتقات ، والهامش وهى أدوات معقدة ولكن تسمح ببيع والاستثمار في صكوك المديونية ، ولم يكتفوا بآلية السوق بل تمادوا ببيع المصانع ، ومؤسسات خدمية عامة مثل السكة الحديد التى تنقل الغلابة بتكلفة متدنية ، ومؤسسات صحية وغيرها للقطاع الخاص ليتمكن من المساهمة في حقيقة العولمة التى فرضوها علينا ، فماذا كانت النتيجة ؟!
إفلاس البنوك والشركات الاستثمارية ، وثراء فاحش لمديرها ، وتركز الثروة في عدد محدود زينوا لسلطات بلادهم في عقد زواج كاثوليكى لا إنفصال معه بين الثروة والسلطة ، فزاد الفساد وشراء الذمم ، وعم الفقر حتى أصبح الجميع تحت خطه وكل ذلك بمقولة آلية السوق هي التى يجب أن تسود ، وتم تنحية مبادئ رأسمالية الدولة التى تعنى أولاً بالانسان ، تعليمه ، وتدريبه وجعله أداه صالحة للعمل بغض النظر عن عنصر التكلفة ، أما مؤسسات آلية السوق فدستورها الربح والثروة ، ولا يعنى لها تنمية المجتمع ورفاهيته وعدم تحميل الانسان مالا يطيقه ، رأسمالية الدولة كانت ولا زالت معنية بقيم العدالة ، وتكافئ الفرص ، وإقامة صروح صناعية وزراعية لتتيح للقوى البشرية الانخراط بها ، واستيعاب التكنولوجيا الحديثة والانفاق بسخاء على كوادر الصناعة والزراعة ، وعلى حساب الربحية ، فالربح ليس كل شئ كما هو عند مريدى العولمة ، وحماية المنتج المحلى هو لتمكين المؤسسات الوطنية من العمل فى أجواء بعيداً عن المنافسة الأجنبية لأنها منافسة غير متكافأة ، ولا قدره للصناعة المحلية فى منافسة المنتج المستورد لا سعراً ، ولا نوعاً ، فكانت العولمة بالمرصاد لهذه السياسة فبإلغاء الحماية والدعم ، بدأت المؤسسات الوطنية بالتراجع وأقفلت أبوابها لعدم قدرتها على منافسة المنتج الأجنبى ، وزاد شراهة المجتمع للأستهلاك الفاحش وكلها عوارض ومظاهر إنكفاء إقتصاداتنا ، وجاءت لحظة الحقيقة لتعود رأسمالية الدولة للمواقع التى أخلتها ، ولتعود لتمسك بزمام الأمور بعد أن حاق بالديرة مصائب وبلاوى من شرور العولمة وبناتها واكتفى بهذا القدر .
ألتفت القاضى إلى الحضور قائلاً سأترك للمحلفين أن يقولوا كلمتهم تجاه عولمة وبناتها ، وكذلك قارئ هذه المدونه أن يبدوا رأيهم في وقائع هذه الجلسة شاكراً لهم إهتمامهم ، وآراءهم التى ستنير المحكمة في الوصول إلى قرار حاسم ، ورفعت الجلسة .

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

مقالة رائعة رائعة
جزاك الله خيراً