الاثنين، 15 ديسمبر 2008

سقوط الطواغييت

المصائب الاقتصادية ، وحالات الافلاس ، والضياع الذي يحيط بهذا العالم ، وفقدان الناس لوظائفهم ، والعجز الذي أصبح يهدد موازين حكومات المنطقة بعد أن تراجعت أسعار النفط وقد تصل الى الحضيض مع بروز شبح الكساد والركود ليسيطر على مقدرات الصناعة في العالم ، كلها مظاهر حيرت عقول الساسة ، يضربون أخماساً في أسداس لعلهم يجدون منفذاً ولو بسيطاً ينفذون من خلال اقتصادياتهم من الأنهيار الكبير ، الذي لا مفر منه وكأننى بالله سبحانه يؤكد سننه بقوله ( سنة الله التى قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) الفتح 23 والآيات 23 في الأحزاب ، و 43 في سورة فاطر وكلها تلفت ناظرينا إلى سنن كونية بمخالفتها يصاب الناس والعالم بذات العقوبة فالعقوبة من جنس العمل ، وبزوال النعم ولا تبديل لهذه السنن سواء في الماضى أو الحاضر ، لنتعظ ونتمسك بالقوانين الربانية ، ولكن النفس البشرية أمارة بالسوء ، تغفل عن هذه السنن الربانية ، وتعرض نفسها للمهالك ، والله يلفت نظرنا لأمثلة جاءت في الكتاب لزوم أخذ العبره ، وتحري سبل النجاة فتعالوا أيها الأخوة والأخوات لنتفرج على قصة من ظلم نفسه في سورة الكهف لنجد أن العالم والعالم الأسلامى بالذات يسير على درب الظالم لنفسه ، والقصة لخصها القرآن من الآية 32 الى الآية 44 من سورة الكهف ، وهى تحكى لإثنان جيران رزقهما الله جنتان ، فيهما ما تشتهى الأعين ، وتلذ الأنفس والفرق أن الأول طغى وتكبر ، والثانى مؤمن وتقى ، بعدها دخل الأول جنته فقال الله عنه ( ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا) أستمع جاره التقى لقوله فرد عليه ( قال له صاحب وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا اشرك بربي أحدا )
الملحظ اللطيف في هذه الآية أن الثانى أتهم الأول بالكفر لماذا ؟!
الكفر يعنى ستر نعم الله ، بمعنى أن الأول ستر عطاء الربوبية من خلال أعتقاده أن جهده ، وماله ، وصبيانه مصدر هذا الثراء ، وأن تلك النعم هى ثمرة هذا الجهد وأغفل عطاء رب العالمين واعتقد جازماً انه الكل فى الكل فظلم لنفسه، فجهده وماله ما هى إلا أسباب أما المنعم فهو الله لذلك إتهمه جاره بالكفر لستره عطاء الربوبية أو عطاء المنعم ، بعدها إذا ما سقط الانسان هذه السقطة المهلكة ما كان الله ليبدل سننه التى تحكم هذا العالم فقال تعالى ( وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهى خاوية على عروشها ويقول يا ليتنى لم أشرك بربى أحدا ...)
ولهذا استخدم صاحبنا الشرك ، لأنه أشرك قدراته الفنية في الزراعة ، وأمواله وأعوانه مع الله سبحانه بل كفر وستر أنعم الله ، فهو مؤمن فقط بقدراته التكنولوجية ، والمالية وأنها السبب الوحيد وراء ثراءه ، ونسى الله ، فما كان من الله الا أن يحيط بجنته ويجعلها هباءاً منثورا.
ووضعنا الحالى لا يختلف كثيراً عن صاحب الجنة فكثيرون يقعون في شبهة الشرك بتناسيهم للمنعم وهو الله تعالى ، ويعتقدون أن إنجازاتهم الاقتصادية مرجعها إلى قدراتهم وعلومهم فيسقطون سقطة " بنت كلب " توردهم لذات المهالك فهى أى تلك المهالك هى من سنن هذا الكون ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا .
وهنا نأتى لسؤال مفصلى كيف يصاب هؤلاء بالشرك والشرك إنتهى منذ إسقاط أصنام مكة على يد رسولنا الكريم ؟!
الجواب أن الشرك نوعان شرك الألوهية وشرك الربوبية . بمعنى أن الله خلق الناس بل والجن ليعبدوه ، والعبادة هى الطاعة لله في أفعل ولا تفعل ، أى المنهج ، وأهل قريش عبدوا الأصنام ليقربوهم الى الله وليكونو واسطة ، ولقد سقط هذا المفهوم منذ أن قيض الله للاسلام الانتشار ، ولكن ما نعانية اليوم وغداً هو شرك الربوبية ، بمعنى أن رب العالمين قد تكفل بالرزق ، ومفهوم الرزق واسع ولا يقتصر على المال فالمال رزق ، والصحة رزق ، والعلم رزق ، والاولاد رزق والحكمة عند بعض الناس رزق ، والمواهب بجميع أشكالها وأنواعها رزق ، والابداع عند بعض الناس رزق ... الخ
إذن الله هو الرازق ولكن الغرور قد زين للناس أن ثراءهم هو من إفرازات ونتيجة لمواهبهم الذاتية فقط وأن ما وصل إليه هذا العالم من إنجازات مرده فقط لتفوقهم العلمى ، وإبداعاتهم فسقطوا كما سقط صاحب الجنة فأحاط الله بجنته فماذا قال ؟ قال يا ليتنى لم اشرك بربى أحدا . بمعنى إعتراف أنه أشرك قدراته وإمكاناته مع الله ، بل تمادى بأن أرجع أسباب ثراءه لجهده وماله ، فنسى الله وأشرك بعطاء الربوبية ، وعندها إستحق العقوبة الربانية ، وأكاد أتصور أن عالمنا اليوم وقصته ليست ببعيدة عن قصة صاحب الجنة الغبى ، فكان لابد من سيادة سنن الله في الخلق ، وخصوصاً وأكل أموال الناس بالباطل من خلال أداة النصب المسماة بالبورصة والرهونات العقارية ، والتوسع في تجارة ديون تلك الرهونات حتى تنامت الى مستويات فاقت الحدود لتعلن بصوت صاخب أنها عنوان لأكل أموال الناس بالباطل ، فكان لابد والأمر كذلك أن تعيد الاراده الالهية الناس لصوابهم من خلال الكوارث المحيطة بهم لعل وعسى يصحون من غيهم ، ويعودوا لجادة الصواب ، فهل سيصحون أو يعودون ....؟ أشك في ذلك !!!

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008

ألتباس عند بعض الناس


على طول وعرض المنطقة العربية لازال العمل السياسى ملتبس على الجميع ، والكويت ليست استثناء بالطبع ، العمل السياسى بإختصار تشريعات لاسعاد الناس ، وتنمية وتشجيع طاقاتهم للمزيد من التقدم والنماء والتنمية ، ولكن بعض التيارات يحملون مرجعيتهم الدينية وراء ظهورهم بدخولهم المؤسسات التشريعية والتنفيذية والالتباس على هؤلاء أنهم يحملون الناس فهمهم لمرجعيتهم وأجندتهم الدينية بينما لم يأمر الله تعالى بحمل الناس وإجبارهم على أتباع المنهج الربانى ، هم ومن واقع حماسهم لدين الله والدعوة اليه إتخذوا من المكان الغير مناسب ساحة ليمارسوا إكراه الناس على إتباع منهج الله في إفعل ولا تفعل ، ولقد وقفت طويلاً أمام قول الله في سورة الأحزاب الآية رقم 71 – 72 بقوله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبينا أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الأنسان أنه كان ظلوماً جهولا * ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفوراً رحيما* ) صدق الله العظيم
أولاً : ما هى الأمانة ؟! سؤال بسيط وبالكويتى الأمانة أن تستأمن شخص مثلاً مبلغاً من المال ، رضيت أمانته فلا وصل ولا شهود إثبات ورضيت أن يؤدى الرجل ويرد الأمانة الطلب لصاحبها فهو على الخيار، وبالطبع يمكن للذى إستأمنته مالك(نقودك) أن ينكر أنه أخذ شيئاً منك ، ويرتكب إثماً في حقك يعاقبه الله على خيانته للأمانة . المهم في الموضوع أن الأمانة تستلزم صفة الخيار إن شاء أدى المؤتمن ما إتومن عليه أو أنكر أمانته فحسابه عند الله .
ولذلك خيرت السموات والأرض والجبال بحمل مراداة الله فيها ، فرفضن الخيار وأتوا طائعين فلا خيار لهم ، أما الانسان فعندما كلفه الله بالمنهج وهو الأمانة حملها فظلم نفسه لأنه لا يعلم وقت إستحقاق الأمانة أن يؤديها أو أن ( يطنش ) وما أكثر المطنشين في هذه الأيام وهو بالخيار إن شاء أداها ، وإن شاء لم يفعل ، هذا الخيار كان لازماً فلا إكراه في الدين بهدف فرز الناس ، وإقامة الحجة عليهم بين مؤمن ومنافق ، والأخير قد يظهر أمام الناس بالتقوى ولكن أفعاله وأعماله تصب في مخالفة أمر الله ، فيدخل في صنف المنافقين ، هذا الفرز ضرورى بقضية الثواب والعقاب والمغفرة فلابد وأن يترك للناس الحرية الكاملة في الاتباع أو المخالفة لتعاليم الدين ، وأى تشريعات أو قوانين يقصد بها فرض ما أمر الله به على الناس في إعتقادى يتعارض مع مفهوم الأمانه والتى بمقتضاها يخير الناس في أداءها أو عدمه مثلما عرفناها أعلاه .
نرجع للتيارات الدينية التى تدخل البرلمان فليس لها أن تستخدم مرجعيتها الدينية بفرض تشريعات على الناس ، وإجبارهم على حمل الأمانة ، وقد أمروا من الله تعالى أن يترك الناس ويختاروا بين إتباع المنهج من عدمه ، وحسابهم عند الله وهي الوسيلة الوحيدة لتصنيف الناس إلى منافق ، ومشرك ، ومؤمن ، أما بإجبار الناس فهو خلط لأوراق أراد الله أن تترك ولا تختلط كما هي رغبة الجماعات الدينية .
نأتى الآن للمرجعية فنقول أن من حق من يدخل البرلمان أن تكون مرجعيته الشخصية أو جماعته الاسلام ، وتعاليم الدين ، ولكن ليس لهم أن يحملوا مجتمعهم بفهمهم لتعاليم الدين ، ويفرضوها بتشريعات ، أو بضغوطات على السلطة التنفيذية فالله تعالى سمى منهجة بالأمانة .
ومعروف أن الأمانة إن شئت أديتها وإن شئت لم تفعل ، فأنت بالخيار مثلما قدمنا ، لأن الله تعالى لا يريد قوالب محكومة بقوانين ، وأحكام جزائية ، ولكن يريد قلوباً تختار هذا المنهج ، وتهتدى به لخير الدنيا والآخرة ، وعلى تلك التيارات سواء الدينية أو الليبرالية أو حتى اليسارية والشيوعية أن تجتهد داخل البرلمان في إقرار تشريعات تعنى بتنمية المجتمع ، وإزالة الفقر والفوارق الاجتماعية ، ونبذ العنف والتعصب الأعمى ومحاربة كل أشكال الفتن ، ولن يتحقق ذلك إلا بخلاص النية ، وعدم فرض الاجندات والمرجعيات الخاصة بتلك التيارات على المجتمع ، والتفرد بالساحة.
نعم للسياسى أن يلتزم بتعاليم الاسلام ولكنه ليس في موقع فرض تلك التعاليم على الأخرين . لأن الله تعالى أمر أن يترك الناس لقناعاتهم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، هذه هى القاعدة الاسلامية الواجب الالتزام بها بترك الناس لخياراتهم لكى يحاسبوا عليها فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء هى القاعدة الذهبية لهذا الدين وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وإلى اللقاء .