الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008

ألتباس عند بعض الناس


على طول وعرض المنطقة العربية لازال العمل السياسى ملتبس على الجميع ، والكويت ليست استثناء بالطبع ، العمل السياسى بإختصار تشريعات لاسعاد الناس ، وتنمية وتشجيع طاقاتهم للمزيد من التقدم والنماء والتنمية ، ولكن بعض التيارات يحملون مرجعيتهم الدينية وراء ظهورهم بدخولهم المؤسسات التشريعية والتنفيذية والالتباس على هؤلاء أنهم يحملون الناس فهمهم لمرجعيتهم وأجندتهم الدينية بينما لم يأمر الله تعالى بحمل الناس وإجبارهم على أتباع المنهج الربانى ، هم ومن واقع حماسهم لدين الله والدعوة اليه إتخذوا من المكان الغير مناسب ساحة ليمارسوا إكراه الناس على إتباع منهج الله في إفعل ولا تفعل ، ولقد وقفت طويلاً أمام قول الله في سورة الأحزاب الآية رقم 71 – 72 بقوله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبينا أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الأنسان أنه كان ظلوماً جهولا * ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفوراً رحيما* ) صدق الله العظيم
أولاً : ما هى الأمانة ؟! سؤال بسيط وبالكويتى الأمانة أن تستأمن شخص مثلاً مبلغاً من المال ، رضيت أمانته فلا وصل ولا شهود إثبات ورضيت أن يؤدى الرجل ويرد الأمانة الطلب لصاحبها فهو على الخيار، وبالطبع يمكن للذى إستأمنته مالك(نقودك) أن ينكر أنه أخذ شيئاً منك ، ويرتكب إثماً في حقك يعاقبه الله على خيانته للأمانة . المهم في الموضوع أن الأمانة تستلزم صفة الخيار إن شاء أدى المؤتمن ما إتومن عليه أو أنكر أمانته فحسابه عند الله .
ولذلك خيرت السموات والأرض والجبال بحمل مراداة الله فيها ، فرفضن الخيار وأتوا طائعين فلا خيار لهم ، أما الانسان فعندما كلفه الله بالمنهج وهو الأمانة حملها فظلم نفسه لأنه لا يعلم وقت إستحقاق الأمانة أن يؤديها أو أن ( يطنش ) وما أكثر المطنشين في هذه الأيام وهو بالخيار إن شاء أداها ، وإن شاء لم يفعل ، هذا الخيار كان لازماً فلا إكراه في الدين بهدف فرز الناس ، وإقامة الحجة عليهم بين مؤمن ومنافق ، والأخير قد يظهر أمام الناس بالتقوى ولكن أفعاله وأعماله تصب في مخالفة أمر الله ، فيدخل في صنف المنافقين ، هذا الفرز ضرورى بقضية الثواب والعقاب والمغفرة فلابد وأن يترك للناس الحرية الكاملة في الاتباع أو المخالفة لتعاليم الدين ، وأى تشريعات أو قوانين يقصد بها فرض ما أمر الله به على الناس في إعتقادى يتعارض مع مفهوم الأمانه والتى بمقتضاها يخير الناس في أداءها أو عدمه مثلما عرفناها أعلاه .
نرجع للتيارات الدينية التى تدخل البرلمان فليس لها أن تستخدم مرجعيتها الدينية بفرض تشريعات على الناس ، وإجبارهم على حمل الأمانة ، وقد أمروا من الله تعالى أن يترك الناس ويختاروا بين إتباع المنهج من عدمه ، وحسابهم عند الله وهي الوسيلة الوحيدة لتصنيف الناس إلى منافق ، ومشرك ، ومؤمن ، أما بإجبار الناس فهو خلط لأوراق أراد الله أن تترك ولا تختلط كما هي رغبة الجماعات الدينية .
نأتى الآن للمرجعية فنقول أن من حق من يدخل البرلمان أن تكون مرجعيته الشخصية أو جماعته الاسلام ، وتعاليم الدين ، ولكن ليس لهم أن يحملوا مجتمعهم بفهمهم لتعاليم الدين ، ويفرضوها بتشريعات ، أو بضغوطات على السلطة التنفيذية فالله تعالى سمى منهجة بالأمانة .
ومعروف أن الأمانة إن شئت أديتها وإن شئت لم تفعل ، فأنت بالخيار مثلما قدمنا ، لأن الله تعالى لا يريد قوالب محكومة بقوانين ، وأحكام جزائية ، ولكن يريد قلوباً تختار هذا المنهج ، وتهتدى به لخير الدنيا والآخرة ، وعلى تلك التيارات سواء الدينية أو الليبرالية أو حتى اليسارية والشيوعية أن تجتهد داخل البرلمان في إقرار تشريعات تعنى بتنمية المجتمع ، وإزالة الفقر والفوارق الاجتماعية ، ونبذ العنف والتعصب الأعمى ومحاربة كل أشكال الفتن ، ولن يتحقق ذلك إلا بخلاص النية ، وعدم فرض الاجندات والمرجعيات الخاصة بتلك التيارات على المجتمع ، والتفرد بالساحة.
نعم للسياسى أن يلتزم بتعاليم الاسلام ولكنه ليس في موقع فرض تلك التعاليم على الأخرين . لأن الله تعالى أمر أن يترك الناس لقناعاتهم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، هذه هى القاعدة الاسلامية الواجب الالتزام بها بترك الناس لخياراتهم لكى يحاسبوا عليها فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء هى القاعدة الذهبية لهذا الدين وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وإلى اللقاء .

هناك 4 تعليقات:

Mohammad Al-Yousifi يقول...

مسمار بلوح

غير معرف يقول...

فعلا نحن جميعا عندنا التباس ليس في السياسة فقط بل في كل شئ حتى في فهم الدين الاسلامى دين التسامح والفطرة النقية
جزاك الله خيرا

ZooZ "3grbgr" يقول...

عيدكم مبارك

كل عام وانتوا بألف خير

وعساكم من عواده

:")

غير معرف يقول...

السيد عبد الجليل،
كتابتك عين العقل، و لكن يبدو وللأسف أن معظم الناس لا ترقى لفهمك، يا ليتك تكون إماما و خطيبا بأحد المساجد حتى يستفيد الناس من طرحك الراقي . أو لعلك تكتب في إحدى الصحف و الجرائد خطابا دينيا ينير الطريق للناس في السلطة قبل الناس العاديين،
و شكرا،
بدرية