الاثنين، 9 فبراير 2009

استجواب الوزراء بين التخروعة والرقي


سئمت مقولة الأستجواب حق دستورى للنائب ، كلما تأزم الجو السياسى بفعل التهديد بالأستجواب جاء من يذكرنا بالحق وكأننا فقدنا ذاكرتنا ، ويتعامل النواب معنا وكأننا " مسبهين " فلابد وداء النسيان أصابنا دون علمنا أن يذكرونا بالحق الدستورى بالاستجواب ، فنحن لا يهمنا هذا التذكير ولكن هدف الإستجواب الحقيقى ، والمستتر فالجميع يقر بدستورية الأستجواب ولا خلاف حوله لذلك فليوقفوا تذكيرنا بالحق الدستورى بالاستجواب ، وليحسنوا الظن بذاكرتنا ، فلقد صدعوا رؤوسنا بهذا الحق والخلاف حول هدف الاستجواب ، وهنا تكمن المشكلة ، كيف ؟!
العمل السياسى في الكويت على الأقل يتيح استخدام الأدوات الدستورية من تحقيق مآرب أخري ، بمعنى الاستجواب قد يخفى بين طياته أهداف غير معلنه ، ونوايا مستوره ، وهى أكثر من أن تحصى ، وهذا واقع لا نستطيع أغفاله ، فقد تكون مصلحة خاصة وراء الاستجواب وقد تكون ابتزاز لصاحب الكرسى الوزارى للتسليم بمطالب معينة ، وقد تكون رأس صاحب الكرسى هو المطلوب اسقاطه ، أو قد تكون معاملة لم تستوفى أركانها القانونية ولم تمرر ، فلابد من الاستجواب لتمريرها ، أو مطالب فئوية أو طائفية ، أو سياسية تخفى حقيقة هدف الاستجواب ، وكلها مستوره وغير معلنه ولكن المستجوِب والمستجوَب يعرفونها ، وفي بعض الأحيان تعلن في المكاتب المغلقة ، إذا لم تسلم بما أريد فالمنصة جاهزه ، والأعداد المطلوبة لطرح الثقة فيك موجود ومتوفر ، ولا يبقى خياراً أمامك إلا الاستجابة ، والتعامل معها بإيجابية أو المنصة ، أو المقصلة ، وكلها أمور تسئ إلى العمل السياسي عند هؤلاء ولكن قاعدتهم أن الغاية تبرر الوسيلة تعلو فوق الاساءة ، وتتجاوزها الى أهداف مستوره المراد تحقيقها.
أما الهدف الواضح من الاستجواب والظاهر للعيان فهى محاوره التى تعلن في صحيفة دعوى المستجوبين والوزير أو رئيس الوزراء تتاح لهم فرصة الرد على ما جاء في الاستجواب .
إذن نحن أمام لوحة سيريالية تتكرر في مجلس الأمة دون وضع ضوابط لها ، وتبقى مصدراً لتأزيم الوضع ، وتتكرر حتى أصبحت سمة من سمات العمل السياسي الكويتى . والسؤال كيف يمكن التعامل مع هذا الوضع ؟؟؟
وبتواضع أطرح رؤيتى القاصره لعلها تمهد الطريق لاصلاح هذا الوضع الفاسد.
أولاً : على الوزراء ورئيسهم تبنى جبهه للصمود والتصدى للأهداف المستوره ، وأن لا يرضخوا لأى إبتزاز سياسى ، وأن يقفوا بحزم أمام أى مطالب فئوية أو طائفية وأن لا يستسلموا لها وإن كان نهاية المطاف هو الوقوف فوق المنصة ولكن وقفة شرف لفضح الأهداف المستورة أمام العيان ، ويضعوا النقاط حول وفوق الحروف لايقاف هذا الابتزاز والشعب سيقف معهم .
ولكن مع ذلك الوزير ورئيس الوزراء لا يقبلون الوقوف فوق المنصة حتى للتصدى لمحاور الاستجواب ، فلماذا هذا التردد ؟ فإذا إستخدم بعض النواب حقهم بالاستجواب دون أن يكون لهم أهداف مستوره لماذا لا يملك هؤلاء الشجاعة الكافية للوقوف على المنصة للاجابة على محاور الاستجواب ؟! ومنهم رئيس مجلس الوزراء ؟!
أجيب أن من يقف فوق المنصة سيشعر بهجوم غير عادى ، وتنطلق ألفاظ مشينة في حقه ، ويتحمل بهدله وقلة قيمة ليس كل واحد يملك تحملها ، وفي بعض الأحيان الكرامة تمس ، ويتم وضع المستجوب في موقف لا يحسد عليه وقد يلعن اليوم الذى قبل فيه المنصب الوزارى ، فلا غرو أن لا نجد أحد يقبل بوضعه في هذا الموضع ، ولدية وزارة فما موقفة بعد الإستجواب من العاملين في وزارته ، وبعد أن أهدرت كرامته وسمعته ، هذا الوضع يجب أن يتم وضع حد له ، وبشكل نهائي فتحفظ الكرامات ، ويمنع الصوت العالى للنواب المستجوبين فيها مساس بسمعة المستجوب سواء كان وزيراً أو رئيس الوزراء مثلاً ، وأن يكون الحوار حضاري بل أقول أن الحوار يجب أن يحكم بمعايير اخلاقية ، مستمده من ديننا الحنيف ، حتى موسى عليه السلام عندما بعثه الله لفرعون الذي قال انا ربكم الأعلى أى ادعى لنفسه الألوهيه ( يعنى اكبرها وأعظمها )فقال الله لموسى وهارون فقولا له قولا لينا
وها هو الرسول يتحدث الله عنه بقوله ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ، فلماذا يصر الأخوة المستجوبين على الفظاظة في الحديث ، في محاولة منهم في سبيل إدانة الوزير استخدام جميع الوسائل بالضرب تحت الحزام ليصلوا الى مبتغاهم ، وليضعوا الوزير في كورنر يصعب عليه الفكاك منه ، ويخرج من الأستجواب محبطاً ، فاقداً لروح التواصل مع أركان وزارته بعد أن أطيح بكرامته على المنصة ؟! وأين يأتى بحماس لخدمة الوطن بعد أن تحمل تهزيئ من بعض النواب ، دون واعز أو رادع .
إذن لابد والأمر كذلك من قيام رئيس المجلس جاسم الخرافى بمسئوليته بوضع حد لهذا التجاوز ، وإيقاف العضو من أن يمس كرامة الوزير ، وإيقاف أى تجاوزات أو حده في غير موقعها حفظاً على مشاعر الناس المستجوبين ويعمل بجد لتسود القاعة حواراً حضارياً تكون قدوه ومثلاً طيباً لكيف يدار حواراً راقياً ليحتذى من يريد أن يأخذ التجربة الكويتية كمثل يحتذى به ، عندها فقط يمكن أن يسارع رئيس مجلس الوزراء والوزراء الى المنصة دون خوف ولا وجل ، وبلا تردد لعلمهم أن كرامتهم وسمعتهم محفوظة ، ويطمئنون أن المستجوبين يريدون الوصول للحقيقة بلا شتائم وقلة قيمة . عندها سنرتقى بالعمل السياسي ، ولكن الاستمرار بهذا الوضع غير محتمل ، وسينفر المخلصين من أبناء هذا البلد لتبوأ كراسى الوزارة ، لأنهم سيكونوا مهددين في أى وقت ، فهم مذنبون في رأى البعض ولن تثبت براءتهم ، وعندها ستنتشر الضغينة في البلد ، والكراهية بين أطراف العمل السياسي وسيقودونها إلى نفق مظلم أوله وآخره .
أيها الأخوة التمسك بالأخلاق ، ثم الأخلاق ، ثم الأخلاق هو ما سيصون العمل السياسي ، ويضمن المضى على الطريق الصحيح ، والعملية السياسية يمكن أن تنجح ولكن إذا أحسنا الظن وقام كل طرف بما يجب أن يقوم به ، بحس وطنى ومسئوليه ورغبة حقيقية في إنتشال تجربتنا النيابية من المستنقع اللى هى فيه .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

هناك 3 تعليقات:

أخبار الاتحاد يقول...

كلام قيم للاستاذ
بالفعل الأخلاق مطلوبة حتى بالسياسة

حدس عودتنا على الممارسة الراقية
ونتوقع منها الاستمرار في ذلك

شكرًا للتنوير
مع أطيب المنى

شباب حدس يقول...

لا يجب استغلال الاستجواب لأهداف ذاتية
أهداف استجواب حدس اليوم في ندوتها
السادسة مساء الأثنين في فندق موفنبيك

شكرًا للتذكرة الجميلة
نأمل أن تلاقي آذان مصغية
بدل اتهامات التخوين المعلبة!

مدونة شباب حدس
Q8icm.blogspot.com

@alhaidar يقول...

مقالة جميلة تستحق الوقوف عندها مطولا ..

ولكن هل في العمل السياسي اليوم اخلاق ؟


تقبل تحياتي ..